تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
مسائل الجاهلية
4462 مشاهدة
حكم الجاهلية

المثال الثاني- قال الله تعالى في سورة المائدة: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ هذا أيضًا من مسائل الجاهلية، وهو حُكْمُ الجاهلية، مخالف لحكم الإسلام؛ وذلك لأن هناك كثيرين يُفَضِّلُون أحكام الجاهلية على الْحُكْمِ الشرعي، والله تعالى أمر بالتحاكم إلى شرعه في قوله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ وفي قوله تعالى: وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ونهى عن الْحُكْمِ بغير ما أنزل الله، وجعل ذلك كُفْرًا وظُلْمًا وفسوقا في قوله: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
وأمر النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أن يَحْكُمَ بينهم بالقسط في قوله تعالى: وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ يعني: بالعدل.
موجودٌ كثير يتحاكمون إلى حكم الجاهلية، يحكمون بحكم العادات، يُسَمُّونها عاداتهم، فيُقَدِّمُونها على حُكْمِ الشرع، ولا شك أن هذا يُوقِعُهُمْ في هذا الوعيد الذي ذَكَرَهُ الله: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ فإذا رأيتَ الذين يتحاكمون إلى رؤسائهم، وإلى أشرافهم وسادتهم، ويجعلون حُكْمَهُم حكمًا شرعيًّا يَرْضَوْنَ به، ولا يَرْضَوْنَ بحكم القضاة الذين نصبوا للقضاء.. الحكم الشرعي، والذين هم حُكَّام بالشريعة، فَيَعْدِلُون عنهم ويقولون: نترافع إلى أميرنا فلانٍ وفلان، فهذا يُدْخِلُهُمْ في حكم الجاهلية.
ذُكِرَ أنه كان بين رجل من المنافقين، ورجل من اليهود قضية ودعوى، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد وقال ذلك المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف وكان من اليهود، ثم إنهم ترافعوا إلى عمر رضي الله عنه، فلما استثبتَ منهم قال: أنتَ الذي قلتَ: لا نَرْضَى بِحُكْمِ محمد وفَضَّلْتَ عليه حكم ابن الأشرف ؟!! دخل بيته، وأخرج السيف وقتل ذلك المنافق، وقال: هذا جزاء مَنْ لم يَرْضَ بِحُكْمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقصة مذكورة في كتاب التوحيد في باب ما جاء أن طاعة الأمراء ونحوهم في تحليل ما حرم الله أن ذلك شرك.
فهؤلاء يحكمون بحكم الجاهلية، ولا شك أنهم يعرفون أن هناك حكمًا شرعِيًّا ويعدلون عنه غالبًا، فَمَنْ عدل عن الحكم الشرعي، وفَضَّلَ عليه حكم الجاهلية فقد دخل في هذا الوعيد وَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ .